الرقية الشرعيّة حصنٌ للمسلم، وهي مجموعةٌ من آيات القرآن والأدعية المأثورة عن الرسول -عليه الصلاة والسلام-، يُردّدها المسلم ليحمي نفسه من أذى السحر، والعين، والمرض، وجَميع ما قد يُلحق الأذى به أو بعائلته، أو من يُحب ممن حَوله من الناس، وهي طريقٌ شرعيٌ صحيحٌ لإبعاد الشيطان، وإبعاد أذاه عن المسلم، فيَتّقي شُروره، ووساوسه، وما يُمكن أن يُصيب به عبادَ الله، من الترَّدد، والشكّ، واللّبس عليهم في أمور دينهم، أو في حياتهم، وتَعاملاتهم الدنيويّة، وعلاقاتهم مع الآخرين.
وقد دعا الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى الرُقية ورغّب بها عند الحاجة، ضمن قواعد مُحدّدة وأُسس خاصة، وعلى كلِّ مسلم أن يَتعلّم الكَيفيّة الصحيحة للرُقية، لكي يَستخدمها عند الحاجة لذلك بشكلٍ صحيح، كما يُحبُّ الله ويَرضى، فلا يَقع في مزالق الجهل، والخُرافات، وقد حثَّ النبي المصطفى -عليه الصلاة والسلام- المسلم أن يَرقي نفسه ويَرقي أهل بيته، وعائلته، وإخوانه، حتى يَنتفع بالرُقية، وتَكون الرُقية من قلبٍ خالصٍ، مع الإلحاح على الله بالدعاء.
[١] كيفية الرقية الشرعيّة تكون الرقية الشرعية الصحيحة بتلاوة الآيات، والأدعية الواردة عن النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- على الماء، أو على الزيت، ويَشربُ الإنسان المَرقيّ الماء الذي قُرئت عليه الرقية، أو يغتسل بالماء المقروء عليه في مكانٍ طاهر، ثمّ يتخلّص من الماء الذي استُخدم في الرقية بالاغتسال بمكانٍ طاهرٍ كذلك، أما الزيت الذي تُليت عليه الآيات والأدعية فيُمكن الادّهان به، ويَجوز أن يَقرأ الراقي الآيات والأدعية مباشرةً على الإنسان المَرقيّ، وذلك بأن يَضع يَده على مَوضع الشّكوى، أو الألم الذي يعاني منه الإنسان المرقي. ويُستحبُّ أن يَرقي المسلم نفسه بنفسه، وهو الأفضل والأولى، ويُمكن أن تكون الرقية كذلك بأن تُكتب الآيات والأدعية في الرقية الصحيحة على ورقٍ، ويُوضع هذا الورق في الماء، ثم يُشرب الماء بعد تصفيته مما فيه من عوالق الورق الذي كُتبت عليه آيات الرقية الصحيحة، وتَكون الكتابة بما لا يُسبّب الضرّر عند شرب الماء كالزعفران ونحوه، ويُفضل أن يكون ذلك الورق المستخدَم في كتابة آيات الرقية الشرعيّة ممّا لا يؤثر بالجسم سلباً، بحيث لا يُلحق الضّرر بالمَرقيّ، إن تحلّلت مواده مع الماء.
[٢] الآيات والأدعية المُستخدَمة في الرقية آيات وأدعية الرُّقية الشرعية الصحيحة التي صَحّت عن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- هي:
[٣] تلاوة سورة الفاتحة، وتُقرأ سبع مرات. تلاوة آيات محددة من سورة البقرة، وهذه الآيات هي من الآية (1-5) مرة واحدة فقط، ثم الآية 164، وكذلك الآية 255، والآيتان (285 و286) من سورة البقرة. تلاوة الآيتان (190-191) من سورة آل عمران. تلاوة الآية (54) من سورة الأعراف. تلاوة الآيات (1- 119)من سورة الأعراف. تلاوة سورة يونس من الآية (79 -81). تلاوة الآية 82 من سورة الإسراء. تلاوة سورة طه من الآية (65- 69). تلاوة سورة المؤمنون الآيات (115-118). تلاوة سورة الصافات من الآية (1-10). تلاوة سورة الحشر من (22-23). تلاوة الآية (51) من سورة القلم. تلاوة الآية (3) من سورة الجن. قراءة سور (الإخلاص، والفلق، والناس، والكافرون) وترديدها. حكم الرقية وشروط صحتها الرُقية مَشروعةٌ في الإسلام بل هي مُستحبَّةٌ
[٤] بشرط أن تكون رُقية شرعية تَعتمد على ما وَرد في القرآن والسنّة، وعلى الأدعية المأثورة عن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام-، بحيث تكون الرقية موافقةً لما شَرَع الله، ولا تُخالف الشريعة، أو أحكام ومقاصد الإسلام عامةً، وتكون بأن يَتَضرّع المسلم إلى الله تعالى، ويتوسّل إليه سبحانه بالدعاء ويلتجئ إليه تعالى بالصلاة ونحو ذلك، بقصد طلب الشفاء والبُرء من الأذى، ومن كلِّ ما أصابه، وقد وَرد ذِكر الرقية الشرعية، والإشارة إلى استحبابها ومشروعيّتها، وبيان عظيم فضلها في العديد من الرويات عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
[٥] رُوي عن الصحابي الجليل أبي سعيدٍ الخدري -رضي الله عنه- أنّه: (انطلق نفرٌ من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياءِ العربِ، فاستضافوهم فأَبَوْا أن يُضَيِّفُوهم، فلُدِغَ سيدُ ذلك الحيِّ فسَعُوا لهُ بكلِّ شيٍء لا ينفعُهُ شيٌء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاءِ الرهطِ الذين نزلوا، لعلَّهُ أن يكون عند بعضهم شيٌء، فأَتَوْهُمْ فقالوا: يا أيها الرهطُ، إنَّ سيدنا لُدِغَ، وسَعَيْنَا لهُ بكلِّ شيٍء لا ينفعُهُ، فهل عند أحدٍ منكم من شيٍء؟ فقال بعضهم: نعم، واللهِ إني لأَرْقِي، ولكن واللهِ لقد استضفناكم فلم تُضَيِّفُونا، فما أنا براقٍ لكم حتى تَجعلوا لنا جَعْلًا، فصالحوهم على قطيعٍ من الغنمِ، فانطلق يَتْفُلُ عليهِ ويقرأُ: (الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فكأنَّما نشطَ من عِقَالٍ، فانطلق يمشي وما بهِ قَلَبَةٌ، قال: فأوفوهم جَعْلَهُمْ الذي صالحوهم عليهِ، فقال بعضهم: اقْسموا، فقال الذي رَقَي: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فنذكرُ لهُ الذي كان، فننظرُ ما يأمرنا، فقَدِموا على رسولِ اللهِ فذكروا لهُ، فقال: وما يُدْرِيكَ أنَّها رقيةٌ؟ ثم قال: قد أصبتم، اقْسموا، واضربوا لي معكم سهماً، فضحك رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ).
[٦] وهذا دليلٌ على مشروعيّة الرقية، ودليلٌ على جواز أخذ المكافأة مُقابل الرقية.
[٥] ووردت أحاديثٌ وروايات فيها نهيٌ عن الرقى والتمائم والتولية؛ والمقصود بالنهي هنا النهي عن الشركيات المُحرمة، أو أن ترافق الرقية من طرف الراقي بعض المنهيات والمُحرمات، كأن يَتواكل في جميع أموره ويَعتمد اعتماداً تامّاً على الرقية، ويُغفل الأخذ بالأسباب، مع التّوكل على الله سبحانه وتعالى، واللجوء إليه، ومن شروط صحة الرقية أن تكون بالكلام المفهوم باللغة العربيّة، بحيث يكون واضح المعنى، بدون أي إشكال أو لبس، ويَحرم أن تَكون الرقية باستخدام رموز أو لغات أو طلاسم غير مفهومة؛ احتياطاً من استخدام الخرافات، ومن إمكانية التِجاء البعض واتصالهم بالجنِّ والشياطين، أو استخدام شيء من السحر والكهانة والشعوذة، فكل ذلك مُحرّمٌ شَرعاً، فالله تبارك وتعالى هو النافع الضّار، وهو الذي يقصده المسلم عند طلب الرقية، وليست الرقية ذاتها، فيَتداوى المسلم بالطبِّ، ويَرقي نفسه ليستجيب جسده للعلاج بالطب، والرقية، ويبقى الطبيب، والراقي، والرقية، وأي دواءٍ على وجه الأرض، مجرَّد سبب، والشفاء بيد الله، فالله هو الشافي، والأسباب لا تَنجح، ولا تُثمر، بدون أمر الله، وإرادته، وتوفيقه، ومشيئته سبحانه
تعليقات
إرسال تعليق